عبد الله حمدوك: رجل الاقتصاد والانتقال الديمقراطي في السودان

 

عبد الله حمدوك، الاقتصادي السوداني البارز، بات اسمًا لامعًا في مسيرة السودان نحو التحول الديمقراطي بعد ثورة ديسمبر 2018 التي أطاحت بنظام عمر البشير. وُلد حمدوك في عام 1956 بمدينة كوستي في ولاية النيل الأبيض، ونشأ في بيئة تجمع بين التواضع والطموح. حصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة الخرطوم، ثم أكمل دراسته العليا في جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة، حيث نال درجة الدكتوراه في الدراسات الاقتصادية.

قبل أن يتولى منصب رئيس الوزراء في أغسطس 2019، كان حمدوك يمتلك سيرة مهنية غنية في مجال الاقتصاد والتنمية الدولية. عمل لسنوات طويلة مع اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، حيث شغل منصب نائب الأمين التنفيذي، وساهم في صياغة سياسات تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة في القارة الأفريقية. هذه التجربة جعلته شخصية تحظى باحترام دولي، مما عزز آمال السودانيين في قيادته لمرحلة انتقالية معقدة.

تولى حمدوك رئاسة الحكومة الانتقالية في وقت كان السودان يعاني فيه من أزمات اقتصادية خانقة، وتفكك اجتماعي، وصراعات سياسية عميقة. سعى إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال إصلاحات جذرية، مثل رفع الدعم عن الوقود وتوحيد سعر الصرف، وهي خطوات أثارت جدلاً واسعًا بين مؤيد يراها ضرورية، ومعارض يعتبرها قاسية على المواطنين. كما عمل على إعادة السودان إلى المجتمع الدولي، حيث نجح في رفع اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب في ديسمبر 2020، مما فتح الباب أمام مساعدات واستثمارات محتملة.

لكن مسيرته لم تكن خالية من التحديات. واجه حمدوك معارضة شديدة من القوى العسكرية والمدنية على حد سواء، وانتهى به الأمر إلى الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021، الذي أطاح بحكومته. ورغم عودته لاحقًا بموجب اتفاق مع العسكريين، استقال في يناير 2022، معللاً ذلك باستحالة تحقيق التوافق الوطني في ظل الانقسامات الحادة.

يبقى حمدوك رمزًا للأمل بالنسبة لكثير من السودانيين الذين رأوا فيه قائدًا مدنيًا يسعى لتحقيق العدالة والديمقراطية، لكنه أيضًا شخصية تثير الجدل حول مدى قدرته على مواجهة تعقيدات السياسة السودانية. اليوم، وبينما يعيش السودان صراعات جديدة، يظل اسم حمدوك مرتبطًا بمرحلة انتقالية حملت في طياتها أحلام شعب وتحديات واقع مرير.