وفاة اللواء بحر أحمد بحر وسقوط طائرة أنتنوف في أمدرمان: هل هي دعوات المظلومين؟

 

في يوم 26 فبراير 2025، هزّت مدينة أمدرمان حادثة مأساوية جديدة، حيث سقطت طائرة عسكرية من طراز أنتنوف في منطقة كرري، مخلفة وراءها ألسنة اللهب والدخان، وأرواحاً طارت إلى بارئها. لم تكن هذه مجرد طائرة، بل كانت تحمل على متنها اللواء بحر أحمد بحر، المشرف على القطاع الشرقي وقائد عمليات الخرطوم بحري سابقاً، إلى جانب عدد من الضباط المرافقين له. وبينما لم تتضح بعد الأسباب الرسمية وراء الحادث، ارتفعت أصوات الشعب السوداني تعلن أن ما حدث ليس صدفة، بل ربما يكون رداً إلهياً على دعوات المظلومين التي لم تذهب سدى.
اللواء بحر أحمد بحر ليس شخصية عادية في المشهد العسكري السوداني. فقد ارتبط اسمه بمسيرة عسكرية طويلة تخللتها محطات مثيرة للجدل، منها اتهامه في محاولة انقلابية عام 2019، تلاها اعتقاله وحكم بالسجن قبل أن يعود إلى الخدمة في أبريل 2023. ومع عودته، تولى مناصب قيادية حساسة، ليصبح أحد الأسماء البارزة في الصراع الدائر بالبلاد. لكن سقوط طائرته اليوم في أمدرمان أنهى مسيرته فجأة، وأعاد إلى الأذهان مقولة "إن الله يمهل ولا يهمل"، التي رددها كثيرون وهم يربطون بين ما حدث وبين آلام الشعب السوداني الذي يعاني من ويلات الحرب والظلم.
واللافت في الأمر أن هذا الحادث لم يكن الوحيد خلال اليومين الماضيين. فقد سبقه، أمس فقط، إسقاط طائرة أخرى من طراز إليوشن في نيالا بولاية جنوب دارفور، أودت بحياة اللواء طيار أبو القاسم علي وعدد من العسكريين،واليوم، كررت الرواية نفسها في أمدرمان، مع اختلاف التفاصيل، حيث لم تعلن أي جهة مسؤوليتها بعد، وترك الأمر معلقاً بين عطل فني محتمل أو استهداف متعمد. لكن الشيء المثير للانتباه هو أن كلا الحادثين أوديا بحياة ضباط برتبة لواء، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخسائر تستهدف قيادات عسكرية بعينها في سياق الصراع الداخلي.
الشعب السوداني، الذي أنهكته الحروب والأزمات، وجد في هذه الأحداث متنفساً للتعبير عن غضبه وأمله. "دعوات المظلومين ما بتروح ساي"، هكذا قالوا، وهم يرون في سقوط الطائرات رمزاً لانتصار الحق الذي طال انتظاره. فمنذ اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، عانى المدنيون من ويلات النزوح والقتل والدمار، وتحولت مدن مثل أمدرمان ونيالا إلى ساحات للمعارك، تتناثر فيها جثث الأبرياء وحطام الأحلام. ومع كل طائرة تسقط، يرى البعض أنها رسالة من السماء تقول: "الله أكبر، وحق الشعب السوداني لن يضيع".
في النهاية، وفاة اللواء بحر أحمد بحر ورفاقه ليست مجرد خسارة عسكرية، بل هي رمز لمعاناة شعب يبحث عن العدالة وسط الخراب. "إن الله يمهل ولا يهمل"، مقولة تتردد على ألسنة السودانيين اليوم، وهم يرون في كل حدث علامة على أن الحق سيظهر مهما طال الزمن. لكن حتى ذلك الحين، تبقى أمدرمان وكرري شاهدتين على مأساة جديدة، تضاف إلى سجل طويل من الدموع والألم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عبد الله حمدوك: رجل الإصلاح والأمل في سودان جديد

عبد الله حمدوك: رجل الاقتصاد والانتقال الديمقراطي في السودان

Abdalla Hamdok: A Legacy of Resilience and Reform in Sudan