هجوم الجيش السوداني على سوق في دارفور: جريمة حرب تُضاف إلى سجل الفظائع
في يوم الإثنين، شهدت منطقة دارفور غربي السودان هجومًا دمويًا نفذه الجيش السوداني، استهدف سوقًا مزدحمًا في بلدة طورة بشمال دارفور. أسفرت هذه الغارة عن سقوط مئات القتلى والجرحى، وفقًا لتقارير مجموعات رصد محلية، التي وصفت الحادث بأنه جريمة حرب جديدة تُضاف إلى سلسلة الانتهاكات المستمرة في المنطقة. الصور ومقاطع الفيديو التي انتشرت عقب الهجوم كشفت عن مشاهد مروعة: جثث متفحمة وبقايا بشرية متناثرة وسط ألسنة اللهب التي اجتاحت السوق، مما يعكس حجم الدمار الذي خلّفه الهجوم.
تأتي هذه الواقعة في سياق تصاعد العنف في دارفور، المنطقة التي عانت لعقود من الصراعات والنزاعات المسلحة. وبحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإن هذا الهجوم ليس حدثًا معزولًا، بل جزء من سلسلة فظائع تم توثيقها في المنطقة على مر السنين. وقد أكدت منظمات حقوقية ومستقلة، مثل مشروع "شهود السودان" التابع لمركز مرونة المعلومات، صحة هذه الرواية من خلال تحديد موقع الهجوم جغرافيًا في طورة. المنظمة، التي تُعنى بتوثيق جرائم الحرب المحتملة، استندت إلى صور الأقمار الصناعية وبيانات وكالة "ناسا" التي رصدت حرائق واسعة امتدت على مساحة تقدر بنحو 10,000 متر مربع في يوم الحادث.
المشاهد التي وثقتها الكاميرات لم تترك مجالًا للشك في بشاعة ما حدث. السوق، الذي كان يعج بالمدنيين العاديين، تحوّل إلى ساحة موت ودمار، حيث بدت الجثث المحترقة والأنقاض المشتعلة كشاهد على عنف غير مبرر. هذه الصور لا تعكس فقط الخسائر البشرية الهائلة، بل تسلط الضوء أيضًا على الاستهداف المتعمد للمدنيين، وهو ما يُعتبر انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
لم يصدر تعليق رسمي فوري من الجيش السوداني حول أسباب الهجوم أو دوافعه، لكن مثل هذه العمليات غالبًا ما تُبرر في سياق الحرب الأهلية المستمرة بالبلاد، حيث تتقاطع الصراعات العرقية والسياسية مع المصالح العسكرية. غير أن استهداف سوق مدني بمثل هذه الوحشية يثير تساؤلات حول وجود نية للعقاب الجماعي أو محاولة لترهيب السكان المحليين، وهي اتهامات طالما وجهت للقوات الحكومية في دارفور.
إن ما حدث في طورة يُعيد فتح ملف دارفور المؤلم، الذي شهد إبادة جماعية وتشريد ملايين السكان منذ بداية الألفية. ورغم الجهود الدولية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، لا يزال العديد من مرتكبيها يتمتعون بالحصانة. الهجوم الأخير يُظهر بوضوح أن دورة العنف لم تنته بعد، وأن المدنيين لا يزالون يدفعون ثمن الصراعات التي لا يملكون فيها يدًا.
في النهاية، تظل الحاجة ملحة إلى تدخل دولي حاسم لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة الجناة. فكل يوم يمر دون عدالة هو يوم يُضاف إلى معاناة شعب دارفور، الذي يستحق الأمن والسلام بعد عقود من الحرب والدمار. ما حدث في سوق طورة ليس مجرد خبر عابر، بل صرخة مدوية تطالب العالم بأن ينتبه ويتحرك.
تعليقات
إرسال تعليق