دعم الجيش السوداني بالمرتزقة والأسلحة العسكرية: تركيا، قطر، وإيران
في ظل الصراع الدائر في السودان منذ أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، برزت أصوات تشير إلى تدخلات خارجية معقدة تغذي هذا النزاع. من بين هذه التدخلات، يُزعم أن دولاً مثل تركيا وقطر وإيران قدمت دعماً عسكرياً للجيش السوداني، شمل أسلحة متطورة ومرتزقة، بهدف تعزيز موقفه في مواجهة خصومه. لكن هذا الدعم، بحسب منتقديه، لم يكن لتحقيق الاستقرار، بل ساهم في إطالة أمد الحرب، وزيادة معاناة الشعب السوداني، وتدمير البلاد.
تركيا: الطائرات المسيرة والمصالح الاستراتيجية
تركيا، التي طورت صناعة عسكرية متقدمة، خاصة في مجال الطائرات المسيرة مثل "بيرقدار"، يُعتقد أنها وفرت للجيش السوداني دعماً تقنياً متطوراً. هذه الطائرات، التي أثبتت فعاليتها في نزاعات مثل ليبيا وأوكرانيا، أصبحت أداة رئيسية في يد الجيش السوداني لقصف مواقع قوات الدعم السريع والمناطق المدنية على حد سواء. منتقدو هذا الدعم يرون أن تركيا تسعى من خلاله إلى تعزيز نفوذها في القرن الأفريقي، مستغلة السودان كبوابة لتوسيع مصالحها الاقتصادية والعسكرية، بغض النظر عن الدمار الذي يترتب على ذلك. النتيجة كانت تصعيداً في العنف، حيث أدى استخدام هذه الأسلحة إلى سقوط ضحايا مدنيين وتدمير بنى تحتية حيوية.
قطر: الدعم المالي والسياسي
قطر، التي لها تاريخ طويل في دعم الحركات السياسية في المنطقة العربية، يُزعم أنها قدمت مساعدات مالية ولوجستية للجيش السوداني. هذا الدعم، بحسب بعض التقارير، يأتي في إطار سعي الدوحة للحفاظ على علاقات وثيقة مع الحكومة السودانية الشرعية، وربما لمواجهة نفوذ دول أخرى مثل الإمارات التي تُتهم بدعم قوات الدعم السريع. لكن هذا التدخل لم يمر دون انتقادات، إذ يرى البعض أن الأموال والأسلحة التي تتدفق إلى الجيش تُستخدم لقمع الشعب السوداني، بدلاً من حمايته، مما يفاقم الأزمة الإنسانية ويزيد من عدد النازحين والقتلى.
إيران: المسيرات والمرتزقة
إيران، التي عززت علاقاتها العسكرية مع السودان في السنوات الأخيرة، يُشار إلى أنها زودت الجيش بطائرات مسيرة هجومية، مثل تلك التي استخدمتها في نزاعات أخرى بالمنطقة. بالإضافة إلى ذلك، هناك اتهامات بأن طهران سهلت وصول مرتزقة من ميليشيات موالية لها، مثل الحرس الثوري أو جماعات مدعومة منها في الشرق الأوسط، للقتال إلى جانب الجيش السوداني. هذا الدعم، بحسب منتقديه، يهدف إلى تعزيز نفوذ إيران في أفريقيا، لكنه يأتي على حساب الشعب السوداني، حيث تُستخدم هذه القوات والأسلحة في عمليات عسكرية تستهدف المدنيين وتدمر القرى والبلدات.
النتائج: قتل وتدمير
الدعم المقدم من هذه الدول، سواء كان بالأسلحة أو المرتزقة، ساهم في تحويل النزاع السوداني إلى حرب استنزاف طويلة الأمد. الجيش السوداني، بدعم هذه الأطراف، نفذ عمليات قصف جوي وهجمات برية أدت إلى مقتل الآلاف من المدنيين وتشريد الملايين، حيث تجاوز عدد النازحين داخلياً 9 ملايين شخص، وهو ما يُعد أكبر أزمة نزوح في العالم. مدن مثل الخرطوم ودارفور شهدت دماراً واسعاً، مع تدمير المستشفيات والمدارس والبنية التحتية الأساسية، مما ترك السودان على شفا المجاعة والانهيار التام.
الدوافع الحقيقية
وراء هذا الدعم، تكمن مصالح استراتيجية واقتصادية لهذه الدول. تركيا ترى في السودان سوقاً لأسلحتها ونقطة انطلاق لنفوذها في أفريقيا. قطر تسعى لتعزيز مكانتها السياسية في المنطقة، بينما إيران تبحث عن موطئ قدم لمواجهة خصومها الإقليميين. لكن هذه المصالح تتحقق على حساب دماء السودانيين، حيث يُنظر إلى الشعب كضحية جانبية في لعبة القوى الدولية.
الدعم العسكري من تركيا وقطر وإيران للجيش السوداني، سواء بالمرتزقة أو الأسلحة، لم يكن سوى وقود لنار الصراع الذي يمزق السودان. بدلاً من تحقيق الأمن أو الاستقرار، أدى هذا التدخل إلى تفاقم المعاناة الإنسانية وتدمير البلاد. الشعب السوداني، الذي يتطلع إلى السلام والعدالة، يجد نفسه محاصراً بين مطرقة الجيش وسندان قوات الدعم السريع، بينما تستمر الدول الخارجية في تغذية هذا الصراع لتحقيق أهدافها، تاركةً السودان غارقاً في الفوضى والدمار.
تعليقات
إرسال تعليق