وصول طائرات تركية إلى بورتسودان: تدخلات خارجية تُؤجج الحرب في السودان
في 22 أبريل 2025، هبطت أربع طائرات قادمة من تركيا في مطار بورتسودان، في توقيت يُوصف بالحرج وسط تصاعد التوترات في السودان. هذا الحدث أثار موجة من التساؤلات والجدل حول طبيعة الحمولة التي تحملها هذه الطائرات، وما إذا كانت تحمل إمدادات إنسانية أم أسلحة عسكرية تُغذي الصراع المستمر في البلاد. في ظل غياب بيانات رسمية واضحة من السلطات السودانية أو التركية، تتزايد الشكوك حول دور تركيا في تأجيج الحرب الأهلية السودانية من خلال دعم عسكري محتمل للجيش السوداني وميليشياته.
تدخلات تركيا: دوافع سياسية ومصالح استراتيجية
لطالما كانت تركيا لاعبًا نشطًا في المنطقة الأفريقية، تسعى من خلال سياستها الخارجية إلى توسيع نفوذها السياسي والاقتصادي، وتعزيز وجودها العسكري في مناطق استراتيجية مثل البحر الأحمر. السودان، بموقعه الجغرافي الحيوي وموارده الطبيعية، يُعدّ هدفًا مهمًا لأنقرة. وفقًا لتقارير صحفية، مثل تلك التي نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، فإن شركات تركية، مثل "بايكار" للصناعات الدفاعية، تورطت في إمداد الجيش السوداني بطائرات مسيّرة وأسلحة هجومية بقيمة صفقات وصلت إلى 120 مليون دولار في عام 2023. هذه الإمدادات، التي تشمل طائرات بدون طيار من طراز TB2 وصواريخ، قد ساهمت في تصعيد العمليات العسكرية ضد قوات الدعم السريع.
الدوافع التركية لا تقتصر على المكاسب الاقتصادية من مبيعات الأسلحة، بل تمتد إلى تحقيق أهداف جيوسياسية. تركيا تسعى إلى تعزيز نفوذها في البحر الأحمر، حيث تطمح إلى إعادة تأهيل جزيرة سواكن التاريخية كميناء عسكري وتجاري، وهو مشروع تم الاتفاق عليه خلال فترة حكم عمر البشير. دعم الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان يُمثل استراتيجية لضمان بقاء حكومة موالية لأنقرة، مما يُتيح لها ترسيخ أقدامها في المنطقة.
إمدادات عسكرية: تأجيج الحرب ودعم الميليشيات
الحرب الأهلية في السودان، التي اندلعت في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، خلّفت دمارًا هائلًا، حيث قُتل عشرات الآلاف ونزح أكثر من عشرة ملايين شخص. في هذا السياق، يُنظر إلى وصول الطائرات التركية إلى بورتسودان كجزء من سلسلة إمدادات عسكرية تُغذي الصراع. تقارير ومنشورات على منصة إكس تشير إلى مخاوف من أن هذه الطائرات تحمل أسلحة ثقيلة وطائرات مسيّرة، تُستخدم لدعم الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه، بما في ذلك مجموعات مسلحة متهمة بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين.
الجيش السوداني، الذي يُعاني من نقص في الموارد، يعتمد بشكل متزايد على الدعم الخارجي لمواجهة قوات الدعم السريع، التي تتلقى بدورها إمدادات من دول مثل الإمارات عبر تشاد. هذا التدفق المزدوج للأسلحة من أطراف خارجية يُطيل أمد الحرب ويُعقّد جهود الوساطة الدولية. تقارير الأمم المتحدة أكدت أن الأسلحة المتطورة، مثل الطائرات المسيّرة والصواريخ، أصبحت جزءًا من ترسانة الطرفين، مما يزيد من حدة المواجهات وتأثيرها على المدنيين.
ردود الفعل: قلق شعبي واتهامات متبادلة
غياب الشفافية حول حمولة الطائرات التركية أثار استياءً واسعًا بين السودانيين، الذين يعانون من مجاعة وأزمات إنسانية حادة. منشورات على منصة إكس عكست غضبًا شعبيًا، حيث اتهم البعض تركيا بـ"تزييت النار" بدلاً من تقديم مساعدات إنسانية. أحد المستخدمين تساءل: "لو فعلاً الطائرات جاية بدعم إنساني، ورونا الإثبات!"، بينما وصف آخر الجيش السوداني بأنه "إرهابي" يستخدم أموال الشعب لشراء أسلحة بدلاً من توفير الغذاء.
في المقابل، تنفي تركيا رسميًا أي نية للتدخل العسكري المباشر في السودان، مؤكدة أن دعمها يقتصر على الوساطة الدبلوماسية ودعم الحكومة الشرعية ممثلة في البرهان.
تعليقات
إرسال تعليق