إغتيال شقيق علي كرتي في أم درمان: تصاعد التصفيات داخل تنظيم الإخوان في السودان
في تطور خطير يعكس حالة التوتر والانقسام الداخلي التي تعصف بالتيارات الإسلامية في السودان، لقي أحمد كرتي، شقيق القيادي الإخواني البارز علي كرتي، مصرعه في هجوم بطائرة مسيرة استهدفه في مدينة أم درمان، غربي العاصمة الخرطوم، مساء السبت الموافق 19 أبريل 2025. هذا الحادث، الذي أثار موجة من التكهنات والتحليلات، يكشف عن تصاعد التصفيات الداخلية داخل تنظيم الإخوان المسلمين في السودان، وسط مناخ سياسي وعسكري مضطرب تشهده البلاد منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.
خلفية الحادث
علي كرتي، الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية، يُعدّ أحد أبرز الوجوه في التيار الإسلامي بالسودان، وقد ارتبط اسمه بتاريخ النظام البائد بقيادة عمر البشير. منذ سقوط النظام في 2019، واجه كرتي وتياره تحديات كبيرة، بما في ذلك العقوبات الأمريكية التي فُرضت عليه في 2023 بسبب دوره المزعوم في تقويض العملية الديمقراطية. في سبتمبر 2024، انتُخب كرتي رئيسًا للتحالف الإسلامي العريض، في خطوة أثارت جدلًا بسبب اختفائه النسبي عن الأضواء خلال الفترة السابقة.
اغتيال شقيقه أحمد كرتي جاء في سياق تصاعد التوترات داخل التيار الإسلامي، حيث أشارت تقارير إلى وجود انقسامات حادة بين أجنحة التنظيم. بعض المصادر ربطت الحادث بتصريحات نارية أدلى بها علي كرتي ضد ما أسماه "التيار الآخر" داخل التنظيم، مما يوحي بصراع على النفوذ والسلطة. هذه الانقسامات ليست جديدة، فقد شهدت جماعة الإخوان في السودان وفي بلدان أخرى، مثل مصر، صراعات قيادية على مر التاريخ، كما حدث بعد اغتيال حسن البنا في 1949، حيث برزت تيارات متباينة داخل الجماعة.
تفاصيل الاغتيال وردود الفعل
وفقًا لمصادر محلية، نفّذت طائرة مسيرة الهجوم الذي أودى بحياة أحمد كرتي في أم درمان، وهي المدينة التي شهدت معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع خلال العامين الماضيين. لم تتضح بعد الجهة المسؤولة عن الهجوم، لكن التكهنات تشير إلى احتمال تورط أطراف داخلية من التيار الإسلامي أو حتى جهات خارجية تسعى لإضعاف التنظيم. بعض التقارير ألمحت إلى أن الجيش السوداني، الذي يخوض معارك لاستعادة السيطرة على العاصمة، قد يكون له دور في استهداف شخصيات مرتبطة بالإخوان، خاصة مع تقدمه الأخير في الخرطوم وأم درمان.
ردود الفعل على الحادث كانت متباينة. على منصة إكس، رأى البعض أن الاغتيال يكشف عمق الأزمة داخل تنظيم الإخوان، حيث وصف أحد المستخدمين الحادث بأنه "فضح صراع أجنحة الإخوان"، بينما عبر آخرون عن قلقهم من تحول الخلافات الأيديولوجية إلى "صراع مفتوح بالسلاح". في المقابل، دعا البعض إلى عدم رفع "راية الكيزان"، في إشارة إلى رفض عودة الإخوان إلى السلطة، معتبرين أن هذه التصفيات تعكس ضعف التنظيم وسط الأزمة الوطنية.
سياق الحرب والانقسامات السياسية
يأتي هذا الحادث في ظل حرب أهلية مدمرة تشهدها السودان، حيث يتصارع الجيش بقيادة عبد الفت ACh البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) على السلطة. خلّفت هذه الحرب عشرات الآلاف من القتلى وشردت أكثر من 11 مليون شخص، وفاقمت الأزمة الإنسانية في البلاد. أم درمان، مسرح الاغتيال، كانت هدفًا لقصف مكثف من قوات الدعم السريع، كما في مجزرة سوق صابرين في فبراير 2025، التي أودت بحياة 56 شخصًا.
في هذا السياق، يحاول التيار الإسلامي بقيادة علي كرتي استعادة نفوذه السياسي، مستغلًا الفوضى الناتجة عن الحرب. لكن الانقسامات الداخلية، كما يظهر من اغتيال أحمد كرتي، تشير إلى أن التنظيم يواجه تحديات وجودية. بعض المحللين يرون أن هذه التصفيات قد تكون نتيجة صراع على الموارد أو النفوذ داخل التنظيم، خاصة مع تراجع قدرته على التأثير في المشهد السياسي بعد ثورة ديسمبر 2018.
التداعيات المستقبلية
إن اغتيال شقيق علي كرتي ليس مجرد حدث عابر، بل هو مؤشر على تصاعد العنف الداخلي بين صفوف الإسلاميين في السودان. هذا الحادث يفتح الباب أمام احتمالات خطيرة، بما في ذلك توسع الصراع داخل التنظيم أو استغلال أطراف خارجية لهذه الانقسامات لإضعاف التيار الإسلامي بشكل كامل. كما أنه يعزز الشعور العام بالرفض الشعبي لعودة "الكيزان" إلى السلطة، كما يتضح من الدعوات على منصات التواصل الاجتماعي بعدم رفع "رايتهم".
في الختام، يكشف هذا الاغتيال عن هشاشة الوضع الداخلي لتنظيم الإخوان في السودان، ويعكس تعقيدات المشهد السياسي والعسكري في البلاد. مع استمرار الحرب وتفاقم الأزمة الإنسانية، تبقى الأسئلة مفتوحة حول مصير التيار الإسلامي ودوره في مستقبل السودان، في وقت تتزايد فيه التحديات أمام تحقيق الاستقرار والسلام.
تعليقات
إرسال تعليق