تحركات الحركة الإسلامية في السودان: صلاح قوش ومستقبل الأزمة السياسية
تشهد الساحة السياسية في السودان تطورات مثيرة للجدل، حيث كشفت مصادر مطلعة عن دفع الحركة الإسلامية بمدير جهاز المخابرات السودانية الأسبق، الفريق أول صلاح عبد الله قوش، إلى مدينة بورتسودان للعب دور محوري في إيجاد مخرج للأزمة السياسية المتصاعدة في البلاد. هذا التحرك، الذي يتم بسرية تامة، يعكس محاولات الحركة الإسلامية لاستعادة نفوذها وإعادة تشكيل المشهد السياسي في السودان، وسط توترات متزايدة مع قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
خلفية التحرك: صراع النفوذ
يأتي دفع قوش إلى بورتسودان في سياق تصاعد الخلافات بين الحركة الإسلامية والبرهان. الحركة، التي كانت تشكل العمود الفقري لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، تسعى لاستعادة هيمنتها على المشهد السياسي بعد تراجع نفوذها عقب الإطاحة بالبشير في 2019. ووفقاً للمعلومات المتداولة، فإن عدم التزام البرهان بتعليمات الحركة في اختيار رئيس الوزراء، إلى جانب إخفاقاته في إدارة الأزمة السياسية والعسكرية، دفعا الحركة إلى البحث عن بديل يضمن مصالحها.
صلاح قوش، الذي يُعتبر أحد أبرز قادة الأجهزة الأمنية في عهد البشير، يمتلك خبرة واسعة وعلاقات قوية داخل الجيش وجهاز المخابرات. تحركه السري إلى بورتسودان، وهي مركز النشاط السياسي والعسكري في الوقت الحالي، يُنظر إليه كخطوة استراتيجية للتنسيق مع الموالين له داخل المؤسسات العسكرية والأمنية، بهدف عزل البرهان ومساعديه من السلطة.
أسباب الأزمة: أسلحة محرمة وعقوبات دولية
تتفاقم الأزمة السياسية في السودان بسبب عوامل داخلية وخارجية معقدة. من أبرز هذه العوامل، التقارير التي تتحدث عن استخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية وبيولوجية في صراعه مع قوات الدعم السريع، وهي اتهامات أثارت استنكاراً دولياً واسعاً. هذه الخطوة، التي يُزعم أنها جرت تحت إشراف قيادات عسكرية عليا، أدت إلى فرض عقوبات دولية مشددة على السودان، مما زاد من عزلة النظام الحاكم وزاد الضغط على البرهان.
الحركة الإسلامية، التي ترى في هذه العقوبات تهديداً مباشراً لمصالحها، تسعى من خلال قوش إلى إعادة ترتيب الأوضاع بما يضمن استقرار النظام السياسي وتجنب المزيد من العزلة الدولية. كما أن اختيار قوش، المعروف بحنكته الأمنية وعلاقاته الدولية، قد يكون محاولة لإرسال رسالة إلى المجتمع الدولي بأن هناك قيادة جديدة قادرة على التعامل مع الأزمات بطريقة أكثر فعالية.
تحديات الخطة وتداعياتها
على الرغم من الطموح الكبير وراء هذا التحرك، إلا أنه يواجه تحديات جمة. أولاً، البرهان لا يزال يتمتع بدعم أجزاء كبيرة من الجيش والمجتمع الدولي، خاصة الدول التي ترى فيه ضماناً لاستقرار السودان في مواجهة قوات الدعم السريع. ثانياً، أي محاولة لعزله قد تؤدي إلى انقسامات داخل الجيش، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في البلاد. وأخيراً، فإن عودة شخصية مثل صلاح قوش إلى واجهة الأحداث قد تثير مخاوف القوى المدنية والشعبية التي ترفض عودة رموز النظام السابق إلى السلطة.
تحرك الحركة الإسلامية عبر صلاح قوش في بورتسودان يمثل منعطفاً خطيراً في الأزمة السودانية. في ظل تصاعد الصراعات الداخلية والضغوط الدولية، يبدو أن السودان يقف على مفترق طرق. هل سينجح قوش في إعادة ترتيب المشهد السياسي وإنهاء هيمنة البرهان؟ أم أن هذه الخطوة ستزيد من حدة التوترات وتعمق الانقسامات؟ الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مسار هذا الصراع، في بلد يعاني أصلاً من ويلات الحرب والأزمات الاقتصادية والإنسانية.
تعليقات
إرسال تعليق