مقتل ضباط في الخوي والدبيبات: أزمة ثقة تهدد التحالف بين الجيش والحركات المسلحة في السودان

 

في تطور خطير يعكس حالة التوتر السياسي والعسكري في السودان، شهدت مدينتا الخوي والدبيبات هجمات عنيفة شنتها قوات الدعم السريع، أسفرت عن مقتل أكثر من عشرة ضباط من الجيش السوداني. هذه الهجمات لم تكشف فقط عن هشاشة الوضع الأمني في المناطق المتنازع عليها، بل ألقت الضوء على أزمة ثقة متصاعدة بين الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه، وسط اتهامات متبادلة بالخيانة والانسحاب المفاجئ من المعارك. في هذا المقال، نستعرض خلفيات هذه الأحداث وتداعياتها على المشهد السياسي والعسكري في السودان.

خلفية الهجمات واتهامات الخيانة

تعد مدينتا الخوي والدبيبات من المناطق الحيوية التي تشهد صراعات متكررة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وذلك في إطار النزاع المستمر على السيطرة على الموارد والنفوذ. الهجمات الأخيرة التي استهدفت مواقع الجيش أدت إلى سائر فادحة، حيث سقط أكثر من عشرة ضباط، فيما وُجهت أصابع الاتهام إلى الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش بالتقاعس عن تقديم الدعم اللازم أو حتى الانسحاب من المواجهات في لحظات حاسمة. هذه الاتهامات لم تأتِ من فراغ، بل ارتبطت بتوترات سياسية متصاعدة بين الحركات المسلحة والقيادة السياسية الجديدة في البلاد.

امتعاض الحركات المسلحة من الإقصاء السياسي

في قلب هذه الأزمة، يبرز قرار رئيس الوزراء الجديد بإقصاء الحركات المسلحة من المشاركة في الحكومة القادمة، خاصة في وزارتي المالية والمعادن، وهما من الوزارات الحيوية التي تتحكم في الموارد الاقتصادية للبلاد. هذا القرار أثار استياءً كبيرًا بين قادة الحركات المسلحة، الذين اعتبروه محاولة لتهميش دورهم السياسي والاقتصادي بعد سنوات من التحالف مع الجيش في مواجهة قوات الدعم السريع. هذا التوجه أدى إلى مراجعة الحركات لموقفها من دعم الجيش في العمليات العسكرية، مما أثار تساؤلات حول مدى استدامة هذا التحالف في ظل التوترات السياسية.

تداعيات الأزمة على الجيش والحركات

الخسائر البشرية في صفوف الجيش، إلى جانب اتهامات الخيانة الموجهة للحركات المسلحة، تعمق الانقسامات في المشهد العسكري والسياسي. الجيش، الذي يعتمد بشكل كبير على دعم الحركات المسلحة في مواجهة الدعم السريع، يجد نفسه في موقف حرج مع تراجع الثقة بين الطرفين. من جانبها، تواجه الحركات المسلحة ضغوطًا داخلية وخارجية لإعادة تقييم استراتيجيتها، خاصة في ظل شعورها بالإقصاء من المشهد السياسي. هذا الوضع قد يدفعها إما إلى تصعيد موقفها ضد القيادة السياسية أو إلى البحث عن تحالفات جديدة، مما يزيد من تعقيد الصراع في السودان.

رأي عام متأزم وتحديات المستقبل

الهجمات الأخيرة والاتهامات المتبادلة ساهمت في خلق رأي عام مشحون بالتوتر والانقسام. وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت منصة رئيسية لتشكيل الرأي العام في السودان، شهدت نقاشات حادة حول دور الحركات المسلحة ومدى التزامها بالتحالف مع الجيش. في الوقت ذاته، يرى مراقبون أن استمرار الإقصاء السياسي للحركات المسلحة قد يدفعها إلى اتخاذ مواقف أكثر تصلبًا، مما قد يؤدي إلى تصعيد النزاع أو حتى انهيار التحالفات الحالية.

خاتمة

تشكل أحداث الخوي والدبيبات وما تبعها من اتهامات بالخيانة نقطة تحول خطيرة في مسار الصراع في السودان. إن فقدان الثقة بين الجيش والحركات المسلحة، إلى جانب التوترات السياسية المرتبطة بإقصاء الحركات من الحكومة القادمة، ينذر بمزيد من التصعيد في المستقبل. لتجنب هذا السيناريو، يتعين على الأطراف المعنية فتح قنوات حوار جادة لإعادة بناء الثقة وتأكيد التعاون العسكري والسياسي. في ظل هذه الظروف المعقدة، يبقى السؤال: هل يمكن للسودان تجاوز هذه الأزمة دون المزيد من الانقسامات؟ الإجابة تتطلب إرادة سياسية وحلولًا شاملة تأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عبد الله حمدوك: رجل الإصلاح والأمل في سودان جديد

عبد الله حمدوك: رجل الاقتصاد والانتقال الديمقراطي في السودان

Abdalla Hamdok: A Legacy of Resilience and Reform in Sudan